مجازر العلويين في سوريا: إبادة جماعية تحت غطاء الصمت الدولي

مجازر العلويين في سوريا: إبادة جماعية تحت غطاء الصمت الدولي / زينب فرج
في فجرٍ دامٍ، وفي قلب الساحل السوري، استفاقت القرى العلوية على مشهد يعيد إلى الذاكرة أبشع صور العنف الطائفي الذي مزّق سوريا منذ 2011. مجازر جماعية، قتل على الهوية، ودماء بريئة سُفكت بوحشية على يد “هيئة تحرير الشام” بقيادة أبو محمد الجولاني، الزعيم الإرهابي الذي استبدل زيه العسكري ببذلة رسمية، لكنه لم يخلع عن يديه دماء الأبرياء.
ليلة الرعب: عندما تحول الساحل السوري إلى مقبرة
بحسب تقارير ميدانية وشهادات الناجين، اجتاحت مجموعات مسلحة تابعة لجماعة الجولاني قرى بانياس، جبلة ، والمختارية، ونفذت عمليات قتل ممنهجة بحق السكان العلويين.
مئات الضحايا، غالبيتهم من النساء والأطفال، سقطوا بين قتيل وجريح. عائلات أُبيدت بالكامل، منازل أُحرقت بأصحابها، وأطفال قُتلوا أمام أمهاتهم. المشهد لم يكن سوى تكرار مروع للفظائع التي ارتكبتها “داعش” و”جبهة النصرة” في سنوات الحرب الأولى، وكأن شيئًا لم يتغير، سوى أن القتلة باتوا أكثر جرأة، والسكين نفسها تُغمد اليوم تحت قناع الاعتدال المزعوم.
الجولاني: الوجه الجديد للإرهاب.. بربطة عنق
ما يحدث اليوم في الساحل السوري هو أبعد ما يكون عن “عمل عسكري” أو “اشتباكات”. نحن أمام إبادة جماعية صريحة، تمارسها جماعة إرهابية بوجه مكشوف، في محاولة لفرض واقع طائفي جديد، بينما يحاول قائدها، أبو محمد الجولاني، تسويق نفسه كطرف سياسي معتدل.
لكن الجولاني لم يتغير؛ بل هو الامتداد الطبيعي لداعش وجبهة النصرة، بدمويتها وإرهابها. التغيير الوحيد هو أنه بات يرتدي بدلة رسمية، ويتحدث بلغة أكثر دبلوماسية أمام وسائل الإعلام الغربية، بينما يستمر في ممارسة القتل الطائفي والتطهير العرقي، بعيدًا عن الكاميرات.
إن الجماعة التي كانت تقطع الرؤوس في الرقة وحلب، ها هي اليوم تقتل العلويين في بانياس والمختارية، تحت شعارات “تحرير الأرض” و”محاربة النظام”. ولكن السؤال الحقيقي: متى أصبح القتل على الهوية تحريرًا؟ ومتى أصبح ذبح العائلات نضالًا؟
الصمت الدولي: الجريمة الأخرى
ما يزيد من هول هذه المجازر ليس فقط وحشية مرتكبيها، بل ذلك الصمت الدولي الخانق، الذي يكاد يرتقي إلى مستوى التواطؤ.
أين هي البيانات العاجلة؟
أين لجان التحقيق الدولية؟
أين الذين صدّعوا رؤوسنا بالدفاع عن حقوق الإنسان، عندما كان الضحايا في أماكن أخرى؟
الحقيقة المرّة أن هذه الجرائم تمر بصمت، لأن ضحاياها ينتمون إلى الطائفة العلوية، والطرف الذي ارتكبها هو الجولاني، الذي بات للبعض “شريكًا” يمكن التعامل معه، لأنه يمثل “الخيار الأقل سوءًا” في المشهد السوري.
ولكن لنتحدث بوضوح:
الإبادة الجماعية لا تُبرر.
والتطرف لا يصبح اعتدالًا، مهما غيّر قاتله ملابسه.
والمجازر تبقى مجازر، حتى لو غضّ العالم الطرف عنها.
سوريا 2025: الإرهاب مستمر… فقط بوجوه جديدة
الواقع أن ما جرى في الساحل السوري خلال الأيام الماضية هو فصل جديد في كتاب الإرهاب الذي لم يُغلق بعد. فبينما يحاول البعض إقناعنا بأن مرحلة “داعش” انتهت، وأن “النصرة” أصبحت من الماضي، تثبت هذه المجازر أن الإرهاب لا يزال حيًا، لكنه غيّر قناعه فقط.
اليوم، الجولاني هو الوجه الجديد للتطرف، والشمال السوري هو مسرح الجريمة، والعلويون هم الضحايا، كما كانوا منذ بداية الحرب. الفرق الوحيد هو أن القتلة أصبحوا أكثر خبثًا، والمجتمع الدولي أصبح أكثر نفاقًا.
لن تُدفن الحقيقة
ما حدث في بانياس والمختارية وجبلة لن يكون مجرد خبر عابر، ولن يصبح مجرد رقم في تقارير حقوقية تُركن على الرف. هذه المجازر هي وصمة عار في جبين العالم، وصوت صراخ الضحايا سيظل شاهدًا على أن الإرهاب لم يُهزم، وأن الجولاني، ببدلته الرسمية، ليس إلا الوجه الجديد للوحش القديم.
لا يمكن لأي قناع أن يخفي يدًا تقطر دمًا، ولا لأي خطاب سياسي أن يبرر ذبح الأبرياء.
إذا كان العالم يظن أن بإمكانه دفن هذه المجازر تحت ركام الصمت، فهو واهم. لأن الحقيقة لا تُدفن، والدم لا يجف، والعدالة، مهما تأخرت، ستنتصر.