الإنتخابات البلدية 2025جنوبيات

نزالٌ عوني – قواتي على بلدية جزين

تخوض جزين انتخاباتها البلدية والاختيارية بتحالفات وخصومات غير مسبوقة، أفرزتها المتغيّرات السياسية والحسابات الشخصية في السنوات الثلاث الأخيرة.

وتتنافس لائحتان، الأولى مدعومة من التيار الوطني الحر والنائب السابق إبراهيم عازار، والثانية من «القوات اللبنانية» ومستقلّين، في معركة يخوضها التيار لإبقاء بلدية جزين «عونية» للدورة الثالثة على التوالي، بعد خسارته تمثيله النيابي في انتخابات 2022.

قبل أقل من شهر على الانتخابات، أُنجز مشروع تأهيل طريق المعبور أو المدخل الغربي لجزين. تنفيذ المشروع المموّل من «البنك الدولي» والمُنفَّذ من قِبل «مجلس الإنماء والإعمار»، تأخَّر أكثر من ثلاث سنوات، قبل الإفراج عنه بالتزامن مع الاستحقاق البلدي. تصنيف «الزفت الانتخابي» طغى على فرحة الجزينيين وأهالي جبل الريحان، لتأهيل الطريق المُنهارة جزئياً، والتي شكّلت خطراً على المارّة لسنوات طويلة.

قبل الوصول إلى عروس الشلال بحلّتها الجديدة، يتكشّف على الطريق بين صيدا وجزين الصراع على رئاسة بلديتها. عشرات اللوحات التي رفعت صور المرشح دافيد الحلو المدعوم من العونيين وعازار والمرشّح بشارة عون المدعوم من «القوات». وإذا كان الرصيد المالي للمتنافسَين دفع البعض لاعتبارها «معركة إمكانات»، إلّا أن الحيثيات المرافقة لتشكيل اللائحتين، تكشف عن أن المرجعيات السياسية تتنافس برصيدهما.

حُدّد السبت المقبل، موعداً لإعلان اللائحة المدعومة من «القوات» برئاسة عون. قبلها، ليل السبت الماضي، أُعلنت اللائحة المدعومة من التيار وعازار برئاسة الحلو. في الاحتفال الذي نُظّم في منزل الحلو، غاب عدد من أركان تشكيل اللائحة أبرزهم النائب السابق زياد أسود، فيما تمّ استبدال عضو بآخر في اللحظات الأخيرة. احتفال إعلان اللائحة، عكس الخلافات التي رافقت تشكيلها داخل «البيت البرتقالي» خصوصاً.

قبل أشهر، اقترح عازار تشكيل لائحة توافقية تضمّ مختلف الأفرقاء. تلقّف المبادرة الأب طوني رحيم، الذي رعى جلسات حوار أَفضت إلى الموافقة على اقتراح أسود، دافيد الحلو، كرئيس للائحة التوافقية. لكنّ «القوات» والتيار انسحبا من التوافق لأسباب مختلفة، القاسم المشترك بينهما، خوض معركة «تحديد الأحجام». عونياً، لم يطُل توافق أسود وكوادر أخرى أبرزها النائب السابق أمل أبو زيد ورئيس البلدية الحالي خليل حرفوش.

البعض يقول إن أسود «أُحرج فأُخرج من قبل خصومه الذين لم يتقبّلوا مساهمته في معركة التيار، بعد طرده منه وبعد رفعه دعاوى قضائية بحق بعض رموزه، ومنهم حرفوش». يحبس الطبّاخون أنفاسهم من احتمال لجوء أسود ومناصريه إلى التشطيب واختيار أعضاء من اللائحتين، ما سيؤدي إلى خرق لائحة التيار. الأخير خرج من مطبخ اللائحة، لكنه لم يخرج من دعمه للحلو. وفي حديث لـ«الأخبار»، قال: «لست شريكاً في تحالفات حزبية في اللائحتين.

أنا اخترت الحلو وهم تبنّوه». الخشية العونية من التشطيب لا تأتي من خلافات الكبار فقط. آخرون يخشون من تصفية حسابات عونية مع آل الحلو، إذ إن دافيد هو شقيق غازي الحلو (أحد داعمي التيار)، ووليد الحلو، الذي ترأّس بلدية 2010، عندما فازت لائحة التيار بالكامل في وجه تحالف عازار و«القوات»، ليرفض في عام 2013، تسليم الرئاسة ليوسف رحال، ما تسبّب بشكاوى في وزارة الداخلية وخلاف عوني، سارع الرئيس ميشال عون إلى رتقه عبر اختيار حرفوش رئيساً. وفي انتخابات 2016، تجدّد الخلاف عندما اشترط غازي الحلو استبعاد حرفوش من لائحة التيار.

في ذروة الخلافات البرتقالية، اختار عازار أن يكون شريكاً بلدياً مع العونيين للمرة الأولى. كُثر أخذوا عليه «تحالفه مع العونيين بعد خصومة حادّة». وآخرون نصحوه بعدم «تحمّل وزر التجربة البلدية العونية طوال 15 عاماً، والتي انتهت بتسطير أكثر من إخبار بالفساد»، علماً أن عازار خرق لائحة العونيين و«القوات» في انتخابات 2016، بثلاثة أعضاء. في حديث لـ«الأخبار»، اعتبر عازار أن «المصالحات جزء من الخريطة اللبنانية، ونحن لم نختلف خلافاً جوهرياً مع التيار، بل على صعيد الممارسات، وقد طوينا الصفحة بزيارة رئيس التيار جبران باسيل إلى منزلنا قبل عام».

يتفهّم عازار انتقادات مناصريه، لكنه بادر إلى «إبعاد المعركة البلدية عن السياسة، لنأتي بمجلس تنموي يخدم الجزينيين، لأن الشعارات السياسية لا تنفع في العمل البلدي». حصة عازار في حال فازت لائحته ستكبر من ثلاثة أعضاء إلى ثمانية على الأقل. وهو يُبدي تفاؤله بأن لا تكون نتائج البلدية كما نتيجة النيابة الأخيرة، مشيراً إلى أن «الصوت الاغترابي رجّح كفة القوات في النيابة، وهو ما لن يتوافر في البلدية على الأرجح. فيما الخطاب السياسي ضد حزب الله لم يعد معتمداً بعد أن اجتمعوا معه في الحكومة، فضلاً عن أن الكثير من وعود نائبَي القوات غادة أيوب وسعيد الأسمر لم تتحقق».

على الضفة الأخرى، تستثمر «القوات» خلافات التيار وانتقادات عازار، سعياً لهزيمة العونيين بلدياً، كما فعلت نيابياً قبل ثلاث سنوات. لكن في العلن، تؤكّد أنها «معركة إنمائية للإتيان ببلدية غير سياسية تخدم الجميع»، بحسب منسّق القوات في جزين ناجي أبو نادر، الذي التقته «الأخبار» بحضور أعضاء «القوات» الثلاثة في مجلس بلدية حرفوش، وبينهم نائب الرئيس بول قطار. وأشار هؤلاء إلى أن في جعبتهم، ملفات كثيرة عن «تجاوزات ارتكبها حرفوش من معمل معالجة النفايات إلى توزيع المساعدات».

تشارك «القوات» بحزبيَّين اثنين، هما عضوا البلدية الحالية (سامر عون وأنطوان شاهين)، إلى جانب «نخبويين ومستقلّين وشباب». وعين «القوات» على أصوات الشباب وأبناء جزين المقيمين في بيروت، وسط تنافس كبير على «البيارتة» كما يوصفون هنا. وعين «القوات» أيضاً على معركة رئاسة اتحاد بلديات جزين، التي استأثر بها العونيون طوال عقد ونيف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى